الخميس، 11 نوفمبر 2010

الكراسي العلمية لصاحب الجلالة و الدور المنشود

الكراسي العلمية لصاحب الجلالة و الدور المنشود
لا يختلف اثنان على أهمية "الكراسي العلمية" و دورها في تنمية المعرفة،  و تعزيز التفاهم بين الشعوب. و "كراسي السلطان قابوس العلمية"، و التي بلغ عددها حتى الآن أربعة عشر كرسيا، تهدف إلى تحقيق ذلك كما صرح المسئولون عنها. و رغم ذلك، هناك تساؤلات مشروعة حولها لا نجد لها تفسيرا أو إجابة. و من هذه التساؤلات: ما الجهة التي تشرف على هذه الكراسي؟ و لماذا لا تحظى بسمعة تليق بها في الجامعات التي تحتضنها؟ و ما الذي حققته حتى الآن؟ و لماذا لا يتم تجميع شتاتها في مركز علمي يكون أكثر فاعلية و حضورا؟
نحن نعلم بأن كراسي جلالة السلطان يتوزع الإشرافَ عليها جهاتٌ عدة منها مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، ومكتب مستشار جلالة السلطان للاتصالات الخارجية، و وزارة التعليم العالي، و وزارة التربية و التعليم، و وزارة الخارجية. و منطقيا، لا يوجد مبرر لتعدد هذه الجهات، بل إن هذا التعدد سينعكس سلبا على أداء هذه الكراسي من حيث غياب الرؤية و المنهج و التقويم المستمر. و لو أن الإشراف عليها أسند إلى جهة واحدة لكان وضعها أفضل حالا؛ حيث نتوقع من هذه الجهة أن تكون لديها خطة و إستراتيجية واضحة المعالم تهتدي بها هذه الكراسي في عملها و تحقيق الأهداف المنوطة بها. و غياب هذه الخطة سيجعل هذه الكراسي مجرد وَجَاهة لا تكترث لها الجامعات العالمية، خاصة الغربية منها، و هي التي تؤمن بالبحث العلمي الرصين و الدراسات العميقة.
و لهذا، فإنه من المؤسف أن تتصفح مواقع أشهر الجامعات التي تحتضن هذه الكراسي و لا تجد لها صدى أو رابطا يليق بمكانتها. حاولت جاهدا في مواقع جامعات مثل أكسفورد، و كمبريدج، و هارفارد، و جورج تاون، و لم أجد رابطا مخصصا لهذه الكراسي يُعرِّف بها، و بأهدافها، و بصاحب الجلالة، و بالبلد الذي يدعمها. لا تتوفر عنها سوى أخبار يتيمة في إرشيف هذه الجامعات نشرت لحظة تأسيس الكراسي فيها. هل هي من الجهود التي تعمل بصمت و لا تسعى إلى الشهرة؟ ذلك حسن، و لكن الأمر يختلف حين نتحدث عن سمعة عُمان التي ينبغي أن تُصحّحَ في العالم، و هي سمعة لا تخرج بها عن مجرد دولة حديثة تطفو على بركة من النفط. إن الدور الثقافي و العلمي الذي يبذله صاحب الجلالة في هذه الجامعات ينبغي أن تكون له مكانته و أن تفسح له صفحات و روابط في مواقع الجامعات العالمية. و مرة أخرى، أعتقد بأن توحيد الإشراف على هذه الكراسي في جهة معينة سيساهم في التعريف بهذه الجهود الثقافية المجهولة؛ فلا بد من موقع على الشبكة المعلوماتية يخصص لهذه الكراسي و التعريف بأنشطتها بمختلف اللغات.
و حين أقيمت ندوة  " كراسي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم العلمية وإسهاماتها في تنمية المعرفة الإنسانية" بجامعة السلطان قابوس، كنا نتوقع أن تقوم الندوة كما هو معلن في العنوان بمناقشة موضوعات تتعلق بفلسفة هذه الكراسي، و الأنشطة العلمية التي قامت بها، و المشكلات التي تواجهها. و لكن الندوة، بدلا من ذلك، طرحت محاور عامة تتعلق بالدراسات الشرقية، و اللغة العربية، و تقنية المعلومات. و هي موضوعات شيقة و مهمة، و لكن الأمر الأهم تحت مثل هذه العنوان أن تدرس تجربة هذه الكراسي منذ إنشاء أولها سنة 1980 بجامعة جورج تاون الأمريكية، حتى إنشاء أخيرها بجامعة طوكيو سنة 2010. بلغ عدد الكراسي حتى الآن أربعة عشر كرسيا، و هي مرشحة للتزايد حسب تصريح المسئولين عنها. و هذا ما يدعو إلى ضرورة تخصيص ندوة حولها تعرف بها و تكشف عن إنجازاتها.
هل يمكن جمع شتات هذه الكراسي في مركز أو مؤسسة علمية؟ هذا ما أقترحه على الجهات المعنية بهذه الكراسي أن تقوم به. و إذا تعذر هذا إجرائيا، فمن الممكن توفير المخصصات المالية للكراسي المزمع إنشاؤها في المستقبل لتأسيس مركز يحمل اسم صاحب الجلالة، كأن يكون "مركز السلطان قابوس للدراسات الشرقية"، ببعض الجامعات العالمية في أميريكا و أوروبا. و لا شك أن المركز سيحقق التنمية المعرفية و التفاهم بين الشعوب بفاعلية أكثر من الكراسي. فالكراسي، رغم أهميتها، تظل مغمورة و فائدتها محدودة تقتصر على الأستاذ الذي يشرف عليها و الطالب الذي يفوز بمنحتها. أما المركز فيكون له كيان معروف في الجامعة و يقصده مختلف الطلاب و الأساتذة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق